مؤسسة الإمارات للآداب

قراءة موجزة في رواية شرفة الفردوس

آخر شرفات إبراهيم نصرالله


“وما نحن إلا أناس لا مرايا لهم، رسموا صورنا فصدقناها” 


هذه العبارة تأتي على لسان إحدى الشخصيات في نهاية رواية “شرفة الفردوس” للكاتب والشاعر والمصور الفوتوغرافي الفلسطيني الأردني إبراهيم نصرالله. 


صدرت الرواية عن الدار العربية للعلوم ناشرون عام 2014، وهي سلسلة من خمس روايات باسم الشرفات تبدأ بـ”شرفة الهذيان” ثم “شرفة رجل الثلج” و”شرفة الهاوية” التي ترشحت في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” عام 2014 وتنتهي بـ”شرفة الفردوس” التي تقع ضمن فصلين رئيسين هما: “المراودة” و”اللعنة”. 


الرواية غرائبية، فانتازية، خيالية، سوريالية وجودية كما هو معروف عن إبراهيم نصرالله. هي عبارة عن عدد لا نهائي من الألغاز المتداخلة مع بعضها البعض والتي تدفع القارئ والشخصيات في الرواية على حد سواء، إلى الجنون. 


تدور أحداث الرواية حول فكرة تمرد الشخصية الروائية على الدور المكتوب والمعد مسبقًا لها من قِبَل الكاتب (سلطة الكاتب). فكرة تتماهى مع فلسفة الاختيار والتقييد والاجبار على أرض الواقع. 


حياة، بطلة الرواية تستأجر شقة في الطابق السابع في عمارة الفردوس دون سبب واضح. تدخل في متاهة من الأحداث الغير منطقية كالعلاقة بالسيد قاسم مالك العمارة والكاتب (السلطة). 


تهبط حياة للإقامة في شقة أصغر في الطابق الثاني من العمارة ذاتها، بعد محاولتها كسر هذه السلطة والتمرد على الأحداث المعطاه لها. تصر حياة على التحكم بقراراتها بعيدًا عن سلطة السيد قاسم والكاتب حتى يقتل خطيبها (الذي اختارته) في ظروف غامضة. بينما يُستبدل شكلها وملامحها إلى أخرى دميمة (صديقتها دنيا) بينما ستحظى الصديقة بملامح حياة الجميلة وشقتها الفارهة سابقًا في الطابق السابع.


هي رواية ضد الخنوع. رواية مع التردد وأن نقول لا. أنصح بقراءتها. شيقة لدرجة لن تتمكن إلا أن تنهيها في جلسة واحدة.


متاهة فكرية تشبه تلك التي يصنعها كافكا في “المحاكمة”. يقول إبراهيم نصرالله متحدثًا عن مشروع “الشرفات”: “مشروع الشرفات هو الوجه الآخر لمشروع “الملهاة الفلسطينية”، إذ وجدت أن مشروع الملهاة سيكون ناقصًا إن لم أكتب مشروعًا موازيًا له هو مشروع الشرفات، لتأمل وقراءة واقع عربي مستبد إنسانيًا وسياسيًا ولا ينتج سوى ضياع مزيد من الأوطان بمن عليها. هذا هو هاجس “الشرفات” أن أتأمل ما يحدث للإنسان العربي من سحق يومي سياسيًا واجتماعيًا، حيث يتحول الفرد في الإطار الاجتماعي إلى جلاد لنفسه أيضًا”. 


بقلم إيمان اليوسف