مؤسسة الإمارات للآداب

الأساطير في الروايات العربية: مغامرة في "ما وراء الطبيعة"

ما هي الأسطورة؟ كلمة "أسطورة" غالباً ما تُطلق على كل ما هو غير واقعي أو حقيقي، لكن حقيقة الأمر هو أن "الأسطورة" ما هي إلا تعبير آخر للـ “ميثولوجيا”، والتي تعني 

"الفلسفة المعمرة"، التي من خلالها ابتكر آباؤنا الأولين قصص تساعد على تفسير العالم المادي من وجهة نظر بشرية عاطفية. 


والأسطورة كمجال أدبي هي نقطة تواصل ما بين الحس الجمالي للأدب والعقلية المفرطة في الفلسفة حيث نتساءل: "ماذا لو؟". 


ماذا لو كانت للأحصنة أجنحة ذو ريش مثل بيغاسوس، الحصان الأسطوري من الميثولوجيا اليونانية؟  ماذا لو استطعنا التحليق في السماء باستخدام بساط الريح كما ورد في قصة علاء الدين والمصباح السحري؟ ماذا لو استطعنا إيجاد اطلانتس المفقودة ومعها مئات الكنوز المادية والمعرفية؟ كل هذه الأسئلة تمكننا من التخيل والتأمل لنتفوق على الإمكانيات

البشرية المحدودة، وهذا هو أحد الأهداف الأساسية من القراءة، أليس كذلك؟ 


عندما أتحدث عن الأساطير، لا أستطيع إلا التفكير في دكتور رفعت إسماعيل، طبيب أمراض الدم، وكم الأحداث الخارقة التي يضطر لمواجهتها في حياة ما بعد التقاعد في سلسلة "ما وراء الطبيعة" الأشهر على الإطلاق للكاتب أحمد خالد توفيق. السلسلة التي قررت شركة "نتفلكس" طرحها على منصتها الشهر القادم


ولشدة حماسي لرؤية هذا العمل الأدبي، الأهم في تاريخ حبي للقراءة، تُبث فيه الحياة على شاشة التلفاز، سأحدثكم قليلاً عنه! 

حسناً، من هو الدكتور رفعت إسماعيل؟


عندما نسمع عن سلسلة "ما وراء الطبيعة" والتي تتناول الحديث عن عوالم خارقة تسكنها الأشباح الغيلان والوحوش; يُخيل لنا أن بطل القصة شاب يافع، قوي الجسمان وهادئ الطباع وما هو عكس بطل قصتنا تماماً، الدكتور رفعت إسماعيل، العجوز العصبي الملول والـ "أصلع كحوض لأسماك الزينة، نحيل كالقلم الرصاص، معتل الصحة كمستعمرة درن كاملة" والذي قرر ذات ليلةً باردة في يناير أن يسرد لنا مغامراته في عالم الخرافة وفي مواجهة الأساطير مع العديد من الشخصيات الأخرى مثل كاميليا، وعزت، وسام كولبي، ولوسيفر، وهن–تشو وماجي "التي تمشي على العشب دون أن تثني عوداً". 


كل هذه الشخصيات وأكثر التي نرتبط بها على مدى 81 كتاباً. 

20 عاماً، 81 كتاباً والملايين من القراء


"أعتقد أن الوقت قد حان كي أمسك القلم وأكتب عن كل الخبرات والتفاصيل الغريبة التي مرت بي في حياتي الطويلة" 


- أسطورة مصاص الدماء والرجل الذئب، 1993 


"أنا الدكتور رفعت إسماعيل، أستاذ أمراض الدم المتقاعد وخبير الأشباح وعوالم ما وراء الطبيعة، ما زال كثيرون لا يعرفون ما يعتقدون بصددي، نصاب أم عالم أم شخص مُسل لا أكثر، لا أعرف. لكنني عشت حياة حافلة ورأيت الكثير.. أنا د. رفعت إسماعيل، سأحكي لكم اليوم قصة أخيرة، إنها أسطورتي الخاصة." 


- أسطورة الأساطير، الجزء الأول، 2014 


إن الفرق ما بين الافتتاحين هو ما يقرب العشرين عاماً، قدم خلالها الكاتب أحمد خالد توفيق ثمانين عدداً حيث رسم وبنى عالم "ما وراء الطبيعة" بكل ما يحتويه من مفاجآت، مستنداً في قصصه إلى الأساطير المحلية والعالمية، واصفاً تفاصيله وتفاصيل شخصياته بدقة إلى الحد الذي يجعلنا نرتبط بالدكتور رفعت، ليس كشخصية أساسية في السلسلة ولكن كصديق مُقرب، نعرفه أشد المعرفة ونستطيع في بعض الأحيان تنبؤ ردود أفعاله وتخيل ما يشعر به في موقف ما وحتى أن نحزن كل الحزن ونرثيه يوم وفاته في الثامن من أغسطس 2014.  

عوالم "ما وراء الطبيعة": إعادة سرد الأسطورة

اسطورة رأس ميدوسا: 


"هل تألموا؟ وإذا لم يتألموا فلماذا صرخوا؟" 


توصف الأسطورة اليونانية ميدوسا بأنها مخلوق أنثوي له القدرة على الطيران وأكثر ما يميزها هو رأسها الذي تغزوه الأفاعي بديل عن الشعر وقدرتها على تحويل كل من يجرؤ على النظر إليها لحجر، إلى أن تمكن بيرسيوس من التغلب عليها بقطع رأسها وخبأه في مكان ما.


ويأتي عدد اسطورة رأس ميدوسا ليتناول إمكانية إيجاد رأس المفقود والمخاطر التي قد تترتب على ذلك. بأسلوب شيق وإبداعي، ينقل لنا الكاتب تفاصيل سفر الدكتور رفعت إلى اليونان إثر دعوة من صديقته لحل اللغز الأسطوري، ليعيش الدكتور هناك كابوساً يتألف من عدم توفر "الأمان اللغوي" وتتابع حدوث الجرائم التي تصعب عليه حلها! 


وعلى الرغم من اقتراف بعض الأخطاء في بداية القصة، يتمكن د. رفعت من حل القضية بذكاء فريد من نوعه. 


حقاً ما أسهل خداع الناس باستغلال أساطيرهم وخرافاتهم!

اسطورة لعنة الفراعنة


".. هناك شيئاً اسمه الفضول، وشيئا اسمه الحرج من الظهور بمظهر الجبناء، وشيئا اسمه المسؤولية العلمية، وشيئا اسمه: عمل الشيء لأنك لن تثق أبدا فيمن يفعله غيرك، 

ولن ترتاح لاستنتاجاته" 


تشير لعنة الفراعنة إلى الاعتقاد بأن اللعنة تحل على كل من يجرؤ على إزعاج أي مومياء من مصر القديمة. لطالما كانت قصة لعنة الفراعنة حديث الناس لكنها انتشرت كالنار في 

الهشيم بعد هلاك كلاً من هوارد كارتر ولورد كارنافون بعد اكتشافهما لمقبرة توت عنخ آمون عام 1992. يستخدم أحمد خالد توفيق هذه القصة لتصوير مغامرة جديدة لدكتورنا 

العجوز الملول، رفعت إسماعيل، في بلده المحبب مصر. بدأت المغامرة بعد وفاة خمسة علماء في ظروف غامضة إثر اكتشافهم لمقبرة ملك فرعوني، الأمر الذي يجعل الجميع 

يتساءلون – ومن ضمنهم د. رفعت- عن إذا ما كانت لعنة الفراعنة حقيقة أم أنها مجرد صدفة بحتة. وعلى الرغم من مجريات القصة المعقدة والتفاصيل المرعبة، إلا أن د. رفعت يتمكن مجدداً من تحليل الأمور بطريقة طريفة تنم عن شجاعة وتمسك بالعلم والدين معللاً بدايةً أن "محدش بيموت ناقص عمر".  

ما هو الهدف من رواية الاسطورة؟


بعد تناولنا لعدة أساطير رواها د. رفعت بأسلوبه المتميز وواجهها بشكل شخصي، يأتي السؤال الأهم: ما الهدف من سلسلة ما وراء الطبيعة وما يميزها عن غيرها من الروايات؟ 

 تقدم سلسلة ما وراء الطبيعة رفضاً ضمنياً للأساطير والحكايات التي غرضها هو ترويع الناس وإثارة مخاوفهم وذلك وضحه الكاتب أحمد خالد توفيق من خلال شخصية د. رفعت، 

الذي يمكنه أن يواجه هذه الخوارق لكنه وعند حل ملابسات القضية، يهدم "الأسطورة"، مُثبتاً بأن لا شيء قد يؤذينا أكثر من معتقداتنا وأفكارنا، مضيفاً روح الدعابة والسخرية، الإثارة والتشويق والكثير من الحكم والمواعظ التي ستدوم معنا طوال حياتنا و"حتى تحترق النجوم".  

ماذا عنكم؟ هل تعرفون عن سلسلة ما وراء الطبيعة؟ ما هو عددكم المفضل ولماذا؟ شاركونا في التعليقات أدناه


يمكنكم معرفة المزيد عن الأساطير، الخرافة والحقيقة في هذا النقاش الشيق بين بيتاني هيوز وبيتر هيلر!


لمتابعة المستجدات عن الكتب، المؤلفين وحتى الفعاليات، تابعونا على تويتر وإنستاجرام