مؤسسة الإمارات للآداب

في ذكرى وفاته: ماذا نقرأ لطه حسين؟

ألف ما يزيد عن 100 كتاب ما بين النقد، الرواية، الترجمة والسيرة الذاتية، لُقب بعميد الأدب العربي، يُعد من أبرز الشخصيات في الحركة العربية الأدبية الحديثة 

وترشح لجائزة نوبل 14 مرة، فمن هو طه حسين؟ 

مثابرة طه حسين الإنسان: 


ولد طه حسين عام 1889 في شمال الصعيد في مصر كطفل سابع لوالديه من بين 13 طفلاً وطفلة. وما أن أتم عامه الثالث، فقد بصره بعدما أُصيب بداء الرمد وعُولج بشكل خاطئ، فعاش كفيفاً مدى الحياة. 


ورغم تشكيك عائلته المستمر في قدرته على تكوين مستقبل لنفسه، إلا أنه بدأ رحلته الكبيرة في عام 1902 عندما غادر إلى القاهرة طالباً للعلم، لينهي مرحلته الجامعية ورسالة الدكتوراة ومن ثم يسافر إلى فرنسا ويبدأ مشواره الأدبي عام 1926 والذي دام 47 عاماً. 

عبقرية طه حسين الكاتب: 


يلخص قول الشاعر أبي فراس الحمداني: "لعمرك ما الأبصارُ تنفعُ أهلها.. إذا لم يكن للمبصرين بصائر" عبقرية طه حسين نظراً لما امتلكه الكاتب من بصيرة فذة وقدرة استثنائية على الإبداع. فلم تقف العاهة الجسدية، التي أصابته في مقتبل عمره، عائقاً في صعود سلم النجاح ومقابلة طموحاته العالية. 


بالإضافة إلى صلابته في مواجهة الظروف المعيشية الصعبة التي وُلد ليجد نفسه محاطاً بها. بدايةً من الفقر ووصولاً إلى الجهل والتقليل من شخصه بسبب ما أصابه. 


وكانت لأعماله الأدبية نصيباً كبيراً من هذه العبقرية الفذة، إذ لم يتمكن من خلالها أن يشارك أفكاره ومعتقداته ويعيد التفكير في بعض الأصول المترسخة في عالم الأدب فقط لكن وبالإضافة إلى ذلك، تمكن من أن يبني لنفسه هذه الشخصية القوية التي تستمر بمواجهة الجميع في سبيل الحق والحرية العقلية والفعلية.  

الخطوة الأولى في عالم طه حسين: 


قد تشعرنا شهرة وعبقرية طه حسين بالرهبة من قراءة أعماله الأدبية فيما قد نضيع في العدد الهائل من كتبه، غير قادرين على اتخاذ قرار بما نبدأ أولاً، لذا جمعنا لكم قائمة 

قصيرة ستساعدكم على بدأ القراءة لعميد الأدب العربي:  

دعاء الكروان: 


سأبدأ بأحب الروايات إلى قلبي، والتي على الرغم من الطابع الرومانسي الذي تبديه في بداية الأمر، إلا أن الكاتب قد استطاع بطريقة فذة أن يجمع العديد من المتناقضات في نص واحد ليتناول طبيعة البشر وما تحمله من رذائل وفضائل. 


بطلتنا في هذه القصة البسيطة هي فتاة من الصعيد ولا يأخذنا طه حسين بهذه الرواية في رحلة عبر المصاعب التي تواجهها الفتاة في عصر كانت تفوق فيه العادات والتقاليد حياة البشر في الأهمية فحسب، بل يأخذنا في رحلة بداخل كل شخصية في حياتها، كل مأساة وكل عقبة مروا بها، جامعاً الحب في أسمى صوره مع الكره في أبشع صوره وقدرته على تحويل البشر إلى أسوأ شخصياتهم وتقلبات الحياة التي تستطيع أن تضع في موضع القوة من كان ضعيفاً يوماً ما. 


لا تقتصر جمال هذه الرواية على مجريات أحداثها، بل أيضاً على اللغة البليغة المُقدمة بها، ليناسب كل مفردة وتعبير كل حالة وشعور يمروا بها الشخصيات. 


"أليس من العجب أن يكون هذا الضوء الذي أخذ يغمرنا شراً من الظلمة التي خرجنا منها؟ إن احدنا لن يستطيع أن يهتدي في هذا الضوء إلا إذا قاده صاحبه". 

الأيام: سيرته الذاتية: 


لا تُعد كتب "الأيام" السيرة الذاتية الكاملة لحياة طه حسين منذ طفولته، والتي كتبها بنفسه خلال سنوات حياته فحسب، بل أكثر ما يميز هذه السلسلة من الكتب هو قدرتها على نقل تلك الفترات من حياة طه حسين إلى ذهننا وبث الحياة فيها بشكل بليغ. 

حيث يختزل الكاتب كل جوانب عالمه التي ساعدت في نموه الفكري، المنهجي والإبداعي وفي تشكيل شخصيته التي نتعرف عليها خلال أعماله. 


ففي الجزء الأول، على سبيل المثال، ينقل لنا الكاتب حقيقة الفقر والجهل المتأصل في الريف المصري حينذاك بالإضافة إلى العادات الإيجابية وغيرها السلبية في مجتمعه، ذلك بجانب تسليط الضوء على فترة طفولته الصعبة وفقدانه لحاسة البصر. ثم ننتقل معه، في الجزء الثاني، إلى القاهرة وفترة دراسته في جامعة الأزهر ورحلته الطويلة من التمرد والنقد لمناهج التعليم وقتها وحتى انتقاله إلى الجامعة الأهلية. ثم نختبر شعور الفخر والسعادة عندما يحصل على الشهادة الجامعية ومن ثم الدكتوراه ونسافر إلى فرنسا معه! ثم نعود معه إلى مصر ونتفاعل معه كأستاذٍ في الجامعة. 


قد تبدو السلسلة كسيرة ذاتية طويلة زاخرة بالأحداث عند الوهلة الأولى لأنه على العكس من معظم السير الذاتية الأخرى، استطاع طه حسين نقل صورة مفصلة لنا عن عالمه بحيادية وموضوعية شديدة، اعترف فيها بشجاعة عن أخطاءه، وشاركنا أحزانه ولحظات سعادته، كل ذاك بلغة وأسلوب فريد من نوعه. لنشعر في نهاية المطاف، أننا على علاقة صداقة مباشرة بالكاتب، وليس فقط الكتاب. 


“وما أعرف شيئاً يدفع النفس-ولا سيما النفوس الناشئة- إلى الحرية و الإسراف فيها احياناً كالأدب” 

جنة الشوك: 


يقدم لنا طه حسين شكلاً جديداً من الأدب من خلال كتاب "جنة الشوك" والتي يحاول فيها بث الحياة في ما أسماه الإغريقيون قديماً بالـ"إبيجراما"، الذي يعني حرفياً 'فن النقش اليوناني' ، أما أدبياً فهو ما أقرب إلى فن الشعر القصير. 


يسعى طه حسين إلى مناقشة العديد من المواضيع باستخدام حوارات قصيرة مكونة من جملتين أو أكثر وتمتاز بعمقها الفكري، بلاغتها اللغوية وثرائها في المحتوى. يختلف الناس في وصف الكتاب، فبعض منهم يعتقد أنه وجبة خفيفة من المقطوعات النثرية المختلفة بينما يعتقد البعض أنه كتاب "مُغمس" بالحكمة ويتناول مواضيع مختلفة مثل الحب، السياسة، المجتمع، وغيرها. فيما يتفق الكل أن الكتاب يجب أن يُقرأ. 


“قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: ألم ترَ إلى فلان وُلد حرًّا وشبّ حرًّا، وشاخ حرًّا، فلما دنا من الهرّم آثر الرقّ فيما بقى من الأيام على الحرية التى صحبها في أكثر العمر؟! 


قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: أضعفته السَّن فلم يستطع أن يتحمل الشيخوخة والحرية معًا، وأنت تعلم أن الحرية تحملُ الأحرارَ أعباءً ثقالًا.”.  

نصل بهذا إلى نهاية القائمة، ماذا عنكم؟ ماذا تعرفون عن طه حسين؟ ما هي كتبكم المفضلة له؟ شاركونا في التعليقات أدناه.