لطالما كان الشعر أحد أكثر الطرق إنسانية في التعبير إذ لقب بأنه “لسان الحال” لقدرته على تخطي الحدود المادية التي تعيق فهمنا وتصورنا للبشرية في عصرنا الحالي أو في أي عصرٍ مضى. ومع مرور الزمن، تَشكل الشعر على شكل زمانه ومبدعيه من حيث البناء واللغة، لنجد في محتوانا الشّعر الحرّ، العمودي، المنثور، المُرسَل، النبطي، الفصيح، إلخ.. ومازال الشعر يتخذ أشكال عدة كلما مر الوقت وتغير الزمان.
ويقول عمر بهاء الدين الأميري عن الشعر:
“أيها القارئون! شعري مرايا … لسجايا صغيرة وكبيرة
هو رفق، وشدة، وصلاة … وذنوب، وخشية وعزيمة
هو حلمي ويقظتي، هو لحن … صادق، من رؤى المنى الموهومة
هو روحي، أو بعض إشراق روحي … هو نفسي مجهولة معلومة”
إذ يصف لنا الشاعر أن الشعر لا يتحدد في قوانين معينة ليكن شعراً بل يتعدى بأهميته ذلك، فهو “مرايا” لنفس الشاعر وهو النافذة التي تتيح لنا أن نصل لخبايا العقل والقلب ونافذة للشاعر ليطلق طيور خياله.
أُتيحت لي الفرصة والمئات الآخرون من الحضور أن نستكشف نوعاً جديداً من الشعر خلال مهرجان طيران الإمارات للآداب، ألا وهو الشعر متعدد اللغات والذي بمعنى أبسط، تتداخل فيه أكثر من لغة، فلا يتحدد في قالب لغوي محدد سواء كان باللغة العربية أو الإنجليزية أو أي لغة كانت.
مثل قول فرح شما:
“Hi, I am Palestinian”
“Salut, je suis Palestinien
“Oi, eu sou Palestina”
I cut my mother tongue in half
نصبت المبتدء ولعنت أبو الخبر
كسرتُ الضمّة الّتي ضمّت ما بيننا."
فتضمن الشاعرة في قصيدتها ما يزيد عن لغتين وذلك ليتسم الشعر بقوة أكبر وليصل لجمهور أكبر.
ولكن هنا يأتي السؤال الأهم: هل يصل فعلاً الشعر متعدد اللغات إلى جمهور أكبر أم يُنقص من جمهوره الأصلي؟
بالطبع من المُمكن أن يكون تعدد اللغات في القصيدة الواحدة سلاح ذو حدين. إذ من الممكن أن يؤثر على إيصال الرسالة بشكل كامل بالإضافة إلى إمكانية أن يكون مثل هذا النوع
من الشعر كمصفاة دقيقة للأنواع المختلفة من الجمهور.
وعلى الجانب الآخر، فإن استخدام هذا النوع من الشعر باحترافية يحملنا من لغة إلى أخرى، مسافرين متجولين بين القواعد اللغوية المختلفة ومستكشفين للقدرات الخارقة للغات على اختلافها في إثراء المعنى الدلالي والجمالي وبناء القصيدة المثالية.
يمكنكم متابعة أعمال فرح شما، عفراء عتيق وكارلوس آندريس غوميز للتعرف بشكل أكبر على هذا النوع من الشعر.