ما زلت أذكر جولات التسوق التي قمت بها في أكبر المكتبات بحثاً عن أحدث كتب التربية الحديثة وطرق التعامل الإيجابية مع المولود الجديد وأنا في شهور الحمل الأخيرة، كنت أقضي ساعات طويلة اقرأ المقالات وأبحث عن سر واحد: كيف أربي طفلاً سعيداً وأعمل على تحفيز خياله؟
بعد وصول صغيري وجدت نفسي أبحث لكل مشكلة أواجهها معه عن حل نموذجي أو ما يشبه دليل المستخدم المٌرفق مع الأجهزة الكهربائية والذي يقدم الحلول في حالة العطل، وللأسف فشلت في اتباع هذه الطريقة ولم تبدو فعالة مع ظهور مفاجآت جديدة كل يوم، وقد استنفذت الكثير من وقتي وطاقتي في البحث عن الحلول الجاهزة إلا انها لم تحقق المطلوب.
ومن هنا تعلمت الدرس الأول في الأمومة: لا يوجد كتاب أو كتالوج عليكِ اتباعه ولكن الحقيقة المؤكدة، هى أن كل طفل يمثل حالة استثنائية فريدة من نوعها في كل مراحلها المختلفة بدءاً من نموها وتطورها وتكوينها وهنا يأتي دور الأم في تحفيز خيال الطفل الصغير من خلال الأنشطة المختلفة وأهمها القراءة.
في العمر الصغير بدأت اختيار الكتب الملونة ذات الرسومات الكبيرة والتي تجذب اهتمام الطفل بسهولة وأيضاً وجدت أن عرائس اليد القطنية تجذب اهتمام صغيري ومن بعدها اخترت اسم لكل شخصية لها وبدأت انسج من خيالي قصة مختلفة كل مرة واتقمص شخصية كل عروس منها بطريقة كلامها وصوتها.
مع عام صغيري الثاني، بدأ يحب الكتب ذات الملمس ولا تفارقنا هذه القصص بصورة يومية، ولجعل روتين القراءة عادة ثابتة بشكل يومي جعلتها فقرة لا غنى عنها قبل النوم مباشرة، واليوم أستطيع أن ألاحظ الفرق الكبير بين صغيري وغيره من نفس السن، في السطور التالية أرصد هذه الملاحظات:
1- انطلاق صغيري بالكلام وبمخارج حروف سليمة وواضحة وذلك لوجود مخزون لغوي قوي من خلال القصص والحكي.
2- خياله الواسع: وهو ما يجعله المميز دائماً، ففي لحظات قليلة يبدأ يتخيل ويصف صور وشخصيات ويحرك أحداث القصة كما يتصورها وفي كثير من الأحيان يستعين بمواقف أو أفكار مستوحاة من قصة قديمة.
3- تقويم السلوك من خلال القصص: ساعدتني القصص في تقويم الكثير من السلوكيات الخاطئة، وذلك لأن المعلومة تصل للطفل بشكل غير مباشر وأسلوب شيق وأيضاً في غرس المعاني الأخلاقية الإيجابية.
4- لفت نظر صغيري لجمال الطبيعة من حوله من خلال القصص وتطرقه لعالم الخيال مثل الساحرة التي تحقق كل الأحلام وسؤاله عن أحلامه وما يمكن أن يطلبه من عالم السحر والخيال من خلال الأسئلة المفتوحة التي تعطيه مساحة كافية للإجابة. 5-أصبح صغيري أكثر قدرة على التعبير عن نفسه وعن مشاعره؛ مثل قوله: “أنا خائف” كما يعبر عن سعادته وغيرها من المشاعر.
بقلم نادين بيومي